# رحيل قلم # الجزء الثاني


 # رحيل قلم #
الجزء الثاني
 كان يوما إعتياديا يوم رجل مهوس بالكلام وقراءة الروايات في مقهى من الدرجة الثانية مع قهوة لا تبرد و سيجارة لا تنتهي  و أصدقاء  مشتتين كصدفات على شاطئ بحر مظطرب الأمواج، فجأة يلمح طيفا يغزو المكان برقة عنيفة ويحّل الصمت لبرهة ... ولا يبقى في المكان سوى جسدهما و عقارب الساعة الحائطية و دخان سيجارته، كان رائحة عطرها أشبه بعطر مكتبة قديمة وجسد متناسق كأغصان شجر الدّر لتمد  يدها برفقِ نحوه معلنةً على قدوم فصل الربيع لصحراء حياته القاحلة ، لمس يدها برفقٍ وسافر بعيدا أي أشتهى أن يموت كانت تلك الثواني المعدودة من لقاء عابر  عقدا كاملا في حلمه الهّش ، وليس ببعيد أخذت مكانها وجلست كأميرات عَدن و ألتحمت في سلاسة حلوة بفوضى المكان أما هو فأخذ مكان له في عيناها ونام وسئل نفسه ألف مرّة هل هي من رسمها على دفاتر شعره أم أنه فقط تشابه في العنوان؟ كانت تلك المرة الأولى التي يميل فيها إلى الصمت أمام إمرأة .
 ربما تجاربه الفاشلة في الحب وحياته المليئة بالصدمات وزخم الأحداث في وطنه جعلت منه إنسانا لا يعرف الحلم من الحقيقة أو ربما هو الحب زاره على غفلة ولم يكن يتقن بعد طقوسه فالحب يختلف من روح إلى أخرى مرت ساعتان والمشهد كما  هو فوضى عارمة تملأ المكان و صمت رهيب يسكن جسده حين قاطعته لتسأل عن إسمه حينها ضاعت عنه الإجابة ليسقط صوت من بعيد  في نبرة حادة :
ـ إنه رفيقنا المخضرم جبران ٫
ردت هي بشيئ من الهزل
ـ جبران  
أما هو فتجنب السؤال وغاب مرة أخرى عن المكان ونام ...

# رحيل قلم # الجزء الأول


 # رحيل قلم #

 بجسد هزيل أضناه الحلم وأشقاه إقترب من عربة القطار و دون حراك  إنتظر اللحظة السانحة للصعود ، فوضى تملئ المكان أصوات المسافرين وعربدة السكارى و رجاء المساكين وصراخ المراقب  وهو بلا حراك كان يكره التدافع  فهو لا يستهويه سوى الجلوس بين العربات بعيدا عن أعين الناس وحديثهم الممل كان ٱخر مسافر يركب القطار رغم أنه قدِم الأول إلى المحطة كالعادة يبقى الأخير دون حراك   وبعيدا عن العالم في عربة قطار قديمة يأخذ دفتره والقلم ليكتب أول سطر في ليلة رحيله عن مدينته نحو العاصمة طقوس  دأب على تكرارها كل رحلة 
ماذا سيكتب الليلة ؟سأل نفسه قبل أن يبدأ بكتابة أوّل كلمة (رحيل ) !.
 حقيبة ممزقة و جسد هزيل تسكن جيبه بعض دننانير و علبة سجائر من النوع الرخيص و حلم بالرحيل يفتك بما تبقى من أفكار شباب هرِم من الحزن والشقاء أخذ سيجارته في حركة بطيئة أشعل تبغها و تنهد لينفث مع دخان سجارته حلما ضائعا و قلبًا داميا و وطنًا جريح و ردد في داخله كلمة (رحيل )   مليون مرة وضحك حتى الموت  .
ربما سيرجع بالغد أو ربما سيموت على سكة القطار أو يبقى هناك للأبد دون حب و دون حياة، جسدا دون روح  نظر من الشباك المقابل إلى الأفق و دون أن تخنقه رائحة الدخان الخانق أويزعجه ضجيج المحركات ودون حراك راقب صورتها في السحاب كانت كلحظة لقائها الأولى بالمقهى جميلة صامتة عينان متمردتان على وجه أبيض شفاف وفم صغير يسيل شاهيته للحب وشعر مخملـــــــي يسكنه السواد كسواد ليلها الطويل والمضني ووإبتسم وسافر في صورتها وعاد بالزمن إلى أول يوم  من لقائهما بالمقهى